كل شيء في لندن فاح بعبق السعوديين، فالسماء التي أمطرت الضباب كأنما حملت غيم "السراة"، والأرض التي اكتظت بزحام اللندنيين كأنما افترشت الربيع الطائفي، فالحفاوة الملكية والشعبية التي واكبت زيارة ولي العهد الأمير بن محمد بن سلمان، كانت تعلو كل حدث في عاصمة بريطانيا العظمى ضابطة ساعتها الدولية بتوقيت الرياض.
وفي أول أنشطته في العاصمة البريطانية ، استقبلت الملكة إليزابيث الثانية ولي العهد السعودي، في قصر باكنغهام ظهر اليوم (الأربعاء)، وأقامت مأدبة غداء، في أول لقاء بينهما، وهو تكريم نادر يقتصر على رؤساء الدول، ضمن زيارة لم تخلُ من مظاهرة المودة الدبلوماسية، لتوسيع الروابط المشتركة بين البلدين، وتناول الاستقبال الفاخر لولي العهد الأحاديث الودية حول العلاقات التاريخية السعودية البريطانية، وروابط الصداقة التي تجمع بين البلدين والشعبين الصديقين.
وعلي بعد أميال من "باكنغهام بالاس"، استقبل المسؤول السعودي بذات الحفاوة في "10 داوننغ ستريت" مقر الحكومة البريطانية، حيث أزهرت الصور استقبال رئيسة الوزراء تيريزا ماي للأمير السعودي بترحيب كبير، وتم بعدها عقد لقاء موسع بين حكومتي البلدين، لبحث الفرص الاستثمارية، وأهم الموضوعات السياسية المشتركة.
ويشعر البلدان بوجود فرصة لتوسيع علاقتهما الحالية: فبريطانيا تبحث عن شركاء تجاريين مع خروجها من الاتحاد الأوروبي، والسعودية بحاجة إلى إقناع المستثمرين في ضوء إصلاحاتها الأخيرة ورؤيتها الطموحة 2030.
وكان مسؤولون بريطانيون قد عبروا عن سعادتهم باختيار الأمير محمد (32 عاما) بريطانيا لتكون أول دولة غربية كبرى يقصدها في جولته الخارجية الأولى منذ تقلده ولاية العهد العام الماضي، إذ تحرص الحكومة البريطانية على إقامة علاقات تجارية واستثمارية متبادلة، وتتطلع إلى سوق آخذة في الاتساع في السعودية لصادرات قطاع الخدمات واجتذاب الأموال السعودية لتمويل مشروعات داخلية.
وجابت صور الأمير محمد بن سلمان شوارع لندن، في الحافلات وفي مركبات أجرة في لندن، وعرضت أيضا لوحات إلكترونية رسائل مؤيدة للسعودية.
وتشمل الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام مقابلة ملكية ثانية تتمثل في عشاء مع الأمير تشارلز والأمير وليام ولقاء مع مسؤولي الأمن القومي وزيارة لمقر الإقامة الريفي لرئيسة الوزراء.